تقييم الدور الذي قد تلعبه الصدفة في الفحوص العادلة
قد يقود دور الصدفة إلى ارتكاب نوعين من الأخطاء عند تفسير نتائج المقارنات العادلة للمعالجات؛ فقد نستنتج خطأً أنه يوجد فرق حقيقي في حصائل المعالجة عندما لا يوجد مثل ذلك الفرق، أو نستنتج خطأً أنه لا يوجد فرق عندما يكون الفرق موجوداً، ويزداد احتمال الوقوع بأحد هذين الخطأين كلما قل عدد الحصائل الملاحظة، والطريقة المثالية لتجنب هذين الخطأين هي توسيع مقارنات المعالجات لكي تشتمل على كل شخص لديه أو سوف يصاب بالحالة الخاضعة للمعالجة؛ ومن البديهي أن ذلك مستحيل، لذلك يستحيل أيضاً حساب “الفرق الحقيقي” بين تأثيرات معالجتين بشكل جازم، وتكتفي البحوث بحساب أفضل تخمين لما يمكن أن يكون عليه ذلك الفرق الحقيقي، وتُحَدَّدْ دقة ذلك التخمين عادةً بحساب “مجال الثقة” أي المجال الذي يحتمل أن الفرق الحقيقي يقع ضمنه.
ومفهوم مجالات الثقة هو مفهوم مألوف لمعظم الناس حتى لو لم يعرفوه بهذا الاسم، فعند التحضير لانتخابات مثلاً، قد تعطي استطلاعات الرأي الحزب “س” عشر نقاط أفضلية عن الحزب “ص”، ولكن يَلْحَظْ الخَبَر عادةً أن الفرق بين الحزبين قد يكون صغيراً فلا يزيد عن 5% أو كبيراً فيبلغ 15%. يشير “مجال الثقة” هذا إلى أن الفرق الحقيقي بين الحزبين يرجح أن يقع في مكان ما بين 5 و 15 نقطة مئوية؛ وكلما ازداد عدد الناس المُسْتَطْلَع رأيهم كلما خف الغموض المحيط بالنتيجة، وكلما ضاق بالتالي مجال الثقة المتعلق بدقة تخمين الفرق بين الحزبين.
وكما يتم تقييم درجة الغموض المتعلق بفرق مُخَمَّنْ في نسب الناخبين الداعمين لحزبين سياسيين، يمكن أيضاً تقييم درجة الغموض المحيطة بفرق مُخَمَّنْ في نسب المرضى المتحسنين أو المتدهورين عقب معالجتين، وهنا أيضاً تضيق مجالات الثقة المحيطة بتخمينات فوارق المعالجتين كلما تَضَخَّمَ عدد حصائل المعالجة الملاحظة (مثل الشفاء من أزمة قلبية) في مقارنة المعالجتين؛ والقاعدة بالنسبة لمجال الثقة هي “الأضيق أفضل.
يترافق مجال الثقة عادةً بتنويه بمدى الثقة بأن القيمة الحقيقية تقع ضمن طرفي مجال التخمينات التي يمثلها، فمجال الثقة 95% (5% confidence interval) يعني أننا واثقين 95% بأن القيمة الحقيقية التي يتم تخمينها تقع ضمن مدى مجال الثقة، مهما كانت قيمتها، ويعني ذلك ضمناً وجود فرصة 5 من 100 (5%) لأن تقع القيمة الحقيقية خارج ذلك المدى فعلياً.