الحصول على أعداد كافية الضخامة للفحوص العادلة للمعالجات

يمكن أحياناً تأمين مساهمة المرضى بأعداد كبيرة بشكل كافٍ لفحص المعالجات في بحث يُنَفَّذُ في مركز أو مركزين، ولكن تقييم تأثير المعالجات على حصائل نادرة مثل الموت يتطلب عادةً تنفيذ البحث في مراكز عديدة، وكثيراً ما يكون ذلك في دول عديدة، بُغية الحصول على برهان يمكن الاعتماد عليه، مثل مشاركة 10.000 مريض في 13 دولة في بحث بَيَّنَ أن الأدوية الستيرويدية المعطاة لناس مصابين بأذيات دماغية شديدة كانت قاتلة[2]، وهي معالجة استمر استعمالها أكثر من ثلاثة عقود. و بَيَّنَ فحص عادل آخر نُظِّمَ من قبل نفس الفريق البحثي بمشاركة 20.000 مريض في 40 دولة أن دواءً معقول الثمن اسمه حَمْض الترانيكساميك يخفف الوفيات من النزف التالي للرضوض[3]

تعتبر هاتان الدراستان فحوصاً عادلة مثالية لأنهما صممتا لتخفيف كل من الانحيازات والغموض الناجم عن دور الصدفة، وقدمتا براهين جيدة النوعية وذات صلة وثيقة بالرعاية الصحية في مختلف أرجاء العالم، لذلك فإنه ليس غريباً أن الثانية منهما قد انتخبت “الدراسة الأكثر أهمية في العام 2010” في استطلاع نظمته المجلة الطبية البريطانية، وقد أهدانا الفريق الفائز بالجائزة بيانات بني عليها الشكل التالي بهدف توضيح أن تخفيف مخاطر التضليل بدور الصدفة يتطلب اسناد تخمينات تأثيرات المعالجة بأكبر كمية ممكنة من المعلومات.

Meta-analysis

تأثير حمض الترانيكساميك على وفاة المصابين بنزف رضحي شديد(unpublished data from CRASH-2: Lancet 2010;376:23-32) (click to enlarge).

تمثل المربعات نتائج أربع قارات مع مجالات الثقة المحيطة بكل منها، ويمثل المعين (أو الالماسة) في أسفل الشكل النتيجة الاجمالية لتجربة حَمْض الترانيكساميك، وهي أن الدواء يخفف الموت من النزف بحوالي 30% (نِسْبَةُ الاخْتِطَار حوالي 0.7)، ويبين ضيق مجال الثقة حول النتيجة الاجمالية أنها التخمين الأكثر وثوقية لتأثير هذا الدواء، بينما يوحي تخمين نتائج القارة آ بتأثير أقل وضوحاً (وغير هام احصائياً ويغلب أن يكون قد بخس التأثير الحقيقي قيمته)، ويوحي التخمين من المراكز في فئة “القارات الأخرى” بتأثير أوضح (ويحتمل أن يكون تخميناً مفرطاً.

تقدم هذه التجربة مثالاً على تخفيف دور الصدفة عن طريق ضم بيانات من عدة مراكز في تجربة دولية، ويمكن استخدام نفس الطريقة تقريباً لضم نتائج دراسات متماثلة ولكن مُنفصلة بحدثية احصائية تسمى التحليل التلوي الذي طُوِّرَت طرائقه من قبل علماء الاحصاء منذ زمن بعيد، ولكن لم يستخدم على نطاق واسع في الطب إلا في السبعينيات، لينتشر تطبيقه في الفحص العادل للمعالجات بنهاية القرن العشرين. ولتوضيح أهمية التحليل التلوي، نذكر مثالاً هو الإجابة على سؤال بقي ينتظر تلك الاجابة لمدة تزيد عن 60 عاماً، والسؤال هو: “في الرُضَّع الخدج، ماهو مستوى أكسجين الدم المترافق بأكبر احتمال لنجاة الرضيع بدون إعاقات هامة؟”؛ فإذا كان مستوى الاوكسجين شديد الارتفاع قد يصاب الرضيع بالعمى، وإذا كان شديد الانخفاض قد يتوفى أو يصاب بالشلل الدماغي.

تم تنظيم وتمويل خمس دراسات منفصلة في خمسة بلدان مختلفة لمحاولة الاجابة على هذا السؤال، ولأن الفوارق الناجمة عن مستويات مختلفة للأوكسيجين يغلب أن تكون متواضعة، فإن كشف تلك الفوارق يتطلب دراسة أعداد كبيرة من أولئك الرُضَّع الضعفاء؛ لذلك اتفق القائمون على كل من الدراسات الخمس على ضم نتائج دراساتهم بهدف الحصول على تخمين أكثر موثوقيةً مما يمكن أن تقدمه أي واحدة من دراساتهم منفردةً[4].